تجارب علاجية بلا أخلاق.. د. حسان شمسي باشا
لكي يستمر الطب في تقدمه وتطوره لابد من إجراء التجارب العلمية التي تهدف إلى الوصول إلى أفضل أنواع العلاجات وأقلها إضرارًا بالمريض. لكن هذا الطريق الساعي إلى الخير - بداهة - كثيرا ماتشوبه ممارسات لا تمت للخير بصلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بأبناء العالم الثالث، أو النامي، وهو أمر يقتضي منا أشد الانتباه.
أثارت البحوث العلمية الحديثة والتجارب الطبية على الإنسان، بما فيها العمليات الجراحية التجريبية غير المسبوقة، ضرورة الموازنة بين المتطلبات البيولوجية الحديثة، في مجالات الطب والجراحة والأبحاث العلمية التجريبية، وبين حتمية توافر الحد الأدنى من الاحترام الواجب للجسم البشري والحفاظ على الكرامة الإنسانية، ولا يكون ذلك في الدول العربية والإسلامية إلا بصياغة تشريعات أخلاقية جديدة، تحدد الضوابط الشرعية والقانونية والأخلاقية والإنسانية للبحوث العلمية والتجارب الطبية على الإنسان.
أسلحة دمار شامل وراثية
إن الاستخدام الخطأ لثمار هذه الثورة العلمية -كما يقول الدكتور إبراهيم برجس العبد الكريم في مقال بعنوان «أمننا الجيني.... هل فات الأوان؟»- لم يعد مجرد أفكار وخواطر، بل إن الأبحاث غير الأخلاقية أصبحت حقيقة لا يمكن إنكارها، ومن الاستخدامات الخطأ للتقدم التقني في علم الجينات صناعة ما يمكن أن نسميه «أسلحة الدمار الوراثية الشاملة».
فأسلحة الدمار الوراثية الشاملة يمكن عملها بعدة طرق، و من أبرزها طريقتان، أولاهما: عزل المورثة الممرضة وحملها في كائنات جرثومية، وأما الطريقة الثانية: فهي ما يمكن أن يطلق عليه عملية «التطهير الوراثي».
فالطريقة الأولى - تتمثل في تطوير عناصر هذه الأسلحة بواسطة عزل المورثة الممرضة، وحملها في مركبات ليست صواريخ أو طائرات، وإنما عن طريق كائنات جرثومية صغيرة جدًا هي البكتيريا. هذه الجراثيم يمكن وبكل سهولة جعلها مقاومة لأشد المضادات الحيوية فتكًا بالبكتيريا. ولعل الهمسات العلمية الخافتة المتداولة بين المختصين في هذا المجال عن احتمال كون خروج بعض الأمراض المعدية غير المعروفة من قبل، هو في حقيقته نتاج لهذا الاستخدام غير الأخلاقي لهذه التقنية ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر لهذا الأمر ونسعى جاهدين للعمل على مواجهة مثل هذا التهديد.
أما الطريقة الأخرى التي قد تستخدم في بناء أسلحة الدمار الوراثية الشاملة فهي ما يمكن أن نسميه «التطهير الوراثي». فمن الممكن القيام بالتصميم الهندسي الوراثي كسلاح فتاك لكي يقوم بمهاجمة مورثة معينة خاصة بعرق أو فئة معينة دون غيرها من الأعراق والتأثير عليها تأثيرًا ممرضًا أو مميتًا بشكل يؤدي إلى القضاء على هذا العرق أو الفئة من الناس، دون الحاجة إلى عمليات القتل والتشريد وهدم المنازل وغير ذلك مما يحصل عادة في عمليات التطهير العرقي!!
ويكفي للدلالة على مدى خطورة هذه الأسلحة البيولوجية أن نشير إلى أن أول عملية استخدام لأسلحة الدمار الشامل وأكثرها فتكًا عبر التاريخ قد استخدمها الأمريكان عند قدومهم إلى أمريكا ضد سكانها الأصليين عندما تم نشر داء الجدري بينهم مما تسبب في قتل الملايين منهم خاصة أن القارة الأمريكية لم تكن موبوءة بهذا الداء من قبل.
ومن الأمثلة الحديثة ما حصل من فضيحة علمية شابها الكثير من العمل غير الأخلاقي، ومن قبل أحد أكبر المراكز العلمية المرموقة في العالم، حين قام فريق بحثي من جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية بجمع مئات الآلاف من العينات الحيوية لمواطنين صينيين عام 1997م، بعد تواطؤ أحد الباحثين الصينيين مع ذلك الفريق البحثي، حيث عمل على إقناع أولئك المواطنين بأن هذا البحث سوف يسهم في الرقي بالرعاية الصحية المقدمة لهم. وبعد افتضاح الأمر عام 2000م اكتفى مدير جامعة هارفارد بالاعتذار لحكومة الصين عن هذا العمل غير الأخلاقي بينما بقيت تلك العينات في مكان مجهول حتى يومنا هذا. إن هذا الحدث قد جعل العالم الصيني «د. يانغ» يبكي عند طرحه لهذه الحادثة في المؤتمر العالمي الثالث للعينات الوراثية والذي عقد في مونتريال بكندا في شهر سبتمبر 2002م. وقد ألقت هذه الحادثة بظلالها وشكوكها حول طبيعة وأسباب تفشي مرض السارس SARS وتأثيره القاتل على شعوب شرق آسيا وخصوصا الصين.
ولا شك أن هناك حاجة ماسة إلى إيجاد مصرف وراثي في كل دولة عربية، وهذا ما سيكبح جماح الباحثين والفاحصين من إرسال العينات إلى المراكز البحثية والتشخيصية خارج حدود بلادهم، وجعل ذلك في أضيق الحدود ووفق ضوابط وأنظمة يتم مراقبتها بشكل صارم. وسيوفر معلومات عن كيفية انتقال المادة الوراثية بين الأجيال وتأثيرات المواد الكيميائية وغيرها من العوامل على المادة الوراثية. ومع الأسف فإن بعض الأبحاث الوراثية التي تمّ إجراؤها في بعض البلاد العربية لم تتقيّد بسرية المعلومات، حيث نشرت بعض المجلات الطبية العلمية أن القبيلة الفلانية في المنطقة كذا لديها استعداد وراثي للمرض الفلاني، وهذا يعتبر إفشاء للسر ونوعًا من الوصمة ضد تلك القبيلة.
بيع الأسرار
إن المادة الوراثية تعتبر ملكا للأمة ولا تستطيع شركة أو هيئة خاصة احتكارها وتسويقها. وهو ما يتم مع الأسف الشديد في الولايات المتحدة بصورة خاصة، باعتبار أن ذلك يشجّع الباحثين والشركات في هذا المجال على إيجاد فحوص جديدة تستطيع التعرّف على مزيد من المورثات (الجينات) التي تحمل الاستعداد للعديد من الأمراض الوراثية. وقد اعتبر الجينوم البشري بأكمله ملكًا للإنسانية ولا يجوز احتكاره والتحكّم فيه وبيعه وتسويقه. وبالتالي لا يجوز بيع المعلومات الوراثية لشركات متخصصة تبحث عنها لتقوم باحتكارها وتسويقها.
هل يمكن لدولة أن تبيع أسرار شعبها لإحدى الشركات؟
نعم هذا ما حصل بالفعل فقد باعت الحكومة الأيسلندية قبل عامين أسرار شعبها مقابل ثمانية ملايين جنيه. وأقدمت الحكومة الأيسلندية على بيع الأسرار الجينية الوراثية التي تميز شعبها الذي يبلغ تعداده 270 ألف نسمة، فقد منحت رخصة لشركة تجارية تمكنها من دراسة السجلات الطبية والمعلومات الوراثية التي تتعلق بشجرة العائلة الخاصة بكل مواطن أيسلندي. فالشعب الأيسلندي الذي يسكن على مسافة قصيرة من القطب الشمالي له ميزة خاصة، حيث يعتبر أكثر المجتمعات تجانسًا على وجه الأرض. فلم يقم المهاجرون بغزو أيسلندا منذ وصول الفايكنغ إليها قبل حوالي ألف عام.
وبسبب هذه الحقيقة يتوقع العلماء نجاحا في تعقب أسباب الأمراض، وسيقوم العلماء بعد جمع هذه المعلومات بتخزينها في قاعدة بيانات على الحاسوب لاستخدامها مستقبلاً. وبالرغم من أن هذه التجربة قد حصلت على إشارة البدء من الحكومة فإن صيحات المعارضة لم تهدأ حتى الآن، فليست هناك دولة في العالم أقدمت من قبل على بيع الميراث الجيني لشعبها مثلما فعلت أيسلندا!!
عنصرية طبية
ومما يؤخذ على الحضارة الغربية عنصريتها وإجراؤها التجارب على الشعوب المستعمرة وعلى السكان الأصليين في المناطق التي فتحها الرجل الأوربي واستقر فيها مثل استراليا ونيوزيلندة وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية بالإضافة إلى مستعمراته العديدة في آسيا وإفريقيا.
ومن ذلك مافعله هؤلاء الغربيون من إجراء تجاربهم على السود وغيرهم واستغلالهم البشع لهم، ثم فوجئوا بأن ألمانيا النازية قامت بإجراء التجارب الطبية البشعة على الأسرى من الروس والبولنديين والغجر بالآلاف وبضع مئات من اليهود، وفضحت هذه الجرائم في محاكمات نورمبرج الشهيرة التي أقيمت بعد الحرب العالمية الثانية (1945 - 1947) وبدأت معها أول مدونة لأخلاقيات البحث العلمي والطبي والتي عرفت باسم مدونة (دستور) نورمبرج Nuremberg Code.
وصدر إعلان هلسنكي في عام 1964 من الاتحاد الطبي العالمي (WorldMedical Association) والذي قام بوضع ضوابط للأطباء العاملين في الأبحاث الحيوية والطبية المتعلقة بالإنسان، وبالرغم من ذلك حدثت حوادث كثيرة منها تجربة توسكاجي في ألاباما في الولايات المتحدة على السود المصابين بالزهري والذين تُركوا دون علاج حتى مات أكثرهم بزعم أن ذلك سيؤدي إلى معرفة سير المرض، واستمرت تلك التجربة البشعة حتى عام 1972 عندما فضحها بعض الأطباء على الجمهور والإعلام واضطرت الإدارات إلى إيقافها عام 1973.
ففي الولايات المتحدة أجريت تجربة على (400) مصاب بمرض الزهري من السود في منطقة ريفية تدعى (توسكاجي) في (ألاباما) لدراسة تطور هذا المرض بين السود. بدأت هذه التجربة سنة 1932م، وتم اختيار المرضى من السود الأميين الفقراء الجهلة، وإيهامهم بأنهم سيعطون علاجًا لمرضهم. واستمرت عملية خداع هؤلاء المساكين وكانوا يغرونهم بوجبات ساخنة عند دخولهم للمستشفى وإجراء جميع الفحوصات عليهم، وإعطائهم مادة غفلاً ليس فيها أي دواء.
وبالرغم من ظهور عقار البنسلين واستخدامه على نطاق واسع لمعالجة الزهري منذ عام 1952م فإن الإدارات الطبية المتعاقبة رفضت رفضًا باتًا أن تعطيهم هذا العلاج الذي أثبت جدواه ونجاعته، بزعم الحاجة إلى معرفة تطور المرض، بالرغم من أن المعلومات عن تطور مرض الزهري كانت متوافرة من دراسة الحالات المختلفة، ولم تكن للتجربة أي فوائد علمية على الإطلاق.
واستمرت هذه الجريمة البشعة العنصرية البغيضة بالرغم من معارضة بعض الأطباء لها باعتبارها جريمة عنصرية ولا تحقق أي فائدة إلى أن قام أحد الأطباء المعارضين لهذه التجربة البشعة بنشرها في الصحافة عام 1972م مما أثار الرأي العام ضدها، وتم إيقاف هذه التجربة في العام التالي أي 1973م.
وقد مات غالبية من أجريت عليهم هذه التجربة البشعة بويلات الزهري بالرغم من توافر علاجه، واضطر الرئيس كلينتون إلى الاعتذار رسميًا للسود في أثناء ولايته الثانية، واعتذر لبضعة أفراد كانوا لا يزالون على قيد الحياة، ونشرت ذلك جميع أجهزة الإعلام.وظهر العجوز الأسود والرئيس كلينتون يحتضنه، ويعتذر له باسم الأمة الأمريكية على ما فعلوه به وبزملائه الأربعمائة الذين ماتوا نتيجة مرض الزهري الذي كان علاجه متوافرًا، وقال كلينتون: «إنها عنصرية، وعنصرية بغيضة، وتجربة بشعة في حق الإنسانية وفي حق المواطنين السود. ومن هذا المنبر باسم الولايات المتحدة أقدم اعتذاري لهؤلاء الضحايا ولأسرهم».
ولكن الولايات المتحدة الغنية لم تدفع لأسر هؤلاء المساكين من السود أي تعويضات مالية!
إعلان هلسنكي
وفي مقال رئيس نشر في مجلة Canadian Medical Association Journalعام 2003م يذكر المقال أنه بعد 40 عامًا من نشر «إعلان هلسنكي» فإن الحوار ما زال قائمًا حول كيفية التعامل مع الناس المشاركين في الدراسات العلمية، وخاصة في العالم الثالث!.
ففي عام 2000م أضيفت فقرة على إعلان هلسنكي (في المقطع 30) تقول «إنه بعد انتهاء الدراسة يجب طمأنة المرضى الذين أجريت عليهم الدراسة بأنهم سوف يستمرون في تلقي أفضل الطرق العلاجية أو التشخيصية التي تم التعرف عليها خلال الدراسة».
والحقيقة أن ذلك التعديل ما كان ليظهر إلا بعد انتشار فضيحة الدراسة التي أجريت في تايلند وإفريقيا عام 1997م، وفيها أعطيت الحوامل المصابات بفيروس الإيدز دواء غفلاً، وذلك لأن الباحثين الغربيين كانوا يعتقدون أنه لا يمكن إعطاء الدواء الغالي الثمن لهؤلاء المرضى بعد انتهاء الدراسة.
فقد ثبت أن إعطاء المرأة المصابة بفيروس الإيدز أثناء حملها عقار (AzidoThymidine AZT ) يؤدي إلى سلامة ثلثي المواليد على الأقل، ولكن ينبغي أن تعطى الجرعات من بداية الحمل وبكمية مقررة. وبما أن هذا العقار غالي الثمن بالنسبة للمرضى في العالم الثالث، وخاصة في إفريقيا، فإن بعض الباحثين الغربيين قاموا بتجربة إعطاء جرعة صغيرة من العقار AZT وفي آخر الحمل فقط، وقارنوا ذلك بمجموعة من النساء اللاتي أعطوهن عقارًا غُفْلاً، وقد تمت هذه التجربة في تايلند وفي إفريقيا عام 1997م.
وإجراء مثل هذه التجربة في البلاد المتقدمة يعتبر مخالفة خطيرة لأن الدواء AZT قد ثبت جدواه ونفعه في إنقاذ معظم الأجنة من الإصابة بفيروس الإيدز، ولا يوجد مبرر أخلاقي لإجراء مثل هذه التجربة ولا يمكن أن تتم قطعيًا في البلاد المتقدمة.
ولكن المبرر الذي تقدم به الباحثون أن هذه البلاد النامية فقيرة ولا تستطيع توفير AZT بالجرعات المطلوبة طوال فترة الحمل، ولذا فقد قاموا بتجريب إعطاء جرعات صغيرة ( رخيصة الثمن نسبيًا) ولمدة محدودة في آخر الحمل. وبالرغم من أن هذه التجربة معيبة من الناحية الأخلاقية فإنها أثبتت أن الجرعات الصغيرة من العقار AZT كانت ذات نفع وأفضل من إعطاء الدواء الغفل. ولا شك أن ترك الحوامل من دون أي علاج وإعطاءهن دواء غُفلاً هو عمل غير أخلاقي ومعيب.
حتى المتخلفون عقليا!
يعيش كثير من المتخلّفين عقليًا أو المعاقين جسديًا في معاهد أو نزل خاصة أو ملاجئ، وفي كثير من الأحيان يتعرّضون للاستغلال والابتزاز بما في ذلك إجراء الأبحاث الطبية البيولوجية عليهم. ولهذا فقد أكدت الدساتير المختصة بأخلاقيات المهنة الطبية عدم جواز إجراء أي بحث طبي بيولوجي إلاّ إذا كان في مصلحة هؤلاء الأشخاص، وسيؤدي في الغالب إلى فائدة لهم.
ويذكر الباحثون حادثة مروعة حيث قام أحد الملاجئ في مدينة نيويورك الذي يستضيف المئات من هؤلاء المتخلفين عقليًا بتعمّد إصابتهم بفيروس الكبد الوبائي (من نوع A) عام 1956. وفي ذلك الوقت لم يكن له تطعيم كما أن نوع الفيروس لم يكن معروفًا. وكانت حجة القائمين على هذه التجربة أن هؤلاء الأطفال يتعرّضون للإصابة بهذا المرض. ومن الأفضل أن يتعمّد إصابتهم تحت إشراف طبي بحيث يقلّل من أي مضاعفات تحدث، وهذه العدوى تعطيهم مناعة ضد العدوى مرة أخرى.
وقد أُدينت هذه التجربة باعتبارها اعتداء على أطفال أبرياء متخلفين عقليًا،ولم يكن هناك مبرّر حقيقي لإصابتهم بهذا المرض، وكان الواجب رفع المستوى الصحي والنظافة في مثل هذا الملجأ، وشدة العناية بهم، لا إصابتهم بمرض، بالرغم من عدم خطورته في الغالب، إلاّ أنه مرض مزعج، وقد تكون له مضاعفات عدّة نادرة الحدوث غالبًا. ولا بد إذن أن تكون أي تجربة في مصلحة هؤلاء الأطفال مباشرة وتمنع أي تجربة أخرى لا علاقة لهم بها.
وبالرغم من ذلك فإن من الحق أن نقول إن العالم الغربي بدأ يشدد في إجراءات السلامة في التجارب على البشر، وان هذه الأخلاقيات أصبحت صارمة جدًا، حتى أن كثيرا من الباحثين وشركات الأدوية بدأوا يغزون العالم الثالث لإجراء التجارب فيه، وذلك لأسباب عدة منها: ضعف الرقابة، وعدم التشدد في إجراءات السلامة والإذن، واضطرار الشركات والباحثين لدفع مبالغ تعويضية ضخمة في حال حدوث مضاعفات خطيرة من هذه التجارب!.
حسان شمسي باشا
مجلة العربي العدد 579