هكذا يكون الحكّام ..

مشاهدات : 8780
من مذكرات ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ "ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ" الخليفة العثماني..
أخبره ﻣسؤول ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺑﺎﺳﺘﻴﻼﺀ ﺍﻟﻨﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺬﻭﻉ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﻗﺼﺮ "ﻃﻮﺏ كاﺑﻲ"..
نصحه ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ أن يدﻫﻦ ﺟﺬﻭﻋﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﻴﺮ..
ﻭ ﻟﻜﻦ كان ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ أن يأخذ رأي مفتي الدولة حتى في صغائر الأمور !
ﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ المفتي "ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩ" ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﺘﻮى، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪﻩ ، ﻓﻜﺘﺐ ﻟﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ببيت شعر ﻳﻘﻮﻝ ﻓيها:
ﺇﺫﺍ ﺩﺏّ نملٌ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺠﺮ ** ﻓﻬﻞ ﻓﻲ ﻗﺘﻠﻪ ﺿﺮﺭ ؟
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ حين ﺭأى ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ :
ﺇﺫﺍ ﻧُﺼﺐَ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻌﺪﻝ.. أخذ ﺍﻟﻨﻤﻞ ﺣﻘّﻪ ﺑﻼ وجل..
و ذلك في إشارة منه إلى ما هو أعظم و أهم!!.
ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺩﺃﺏ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺳُﻠﻴﻤﺎﻥ.. فلا يكاد ﻳُﻨﻔّﺬ ﺃﻣﺮﺍً ﺇﻻ ﺑﻔﺘﻮﻯ ﻣﻦ
المفتي ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ.
و لما ﺗُﻮﻓﻲ ﺍﻟﺴُﻠﻄﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ –ﺯﻳﻜﺘﻮﺭ– ..
و ﻌﺎﺩﻭﺍ ﺑﺠﺜﻤﺎﻧﻪ ﺍﻟﻰ ﺇﺳﻄﻨﺒﻮﻝ.. ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍلتشيييع ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﻭﺻﻰ ﺑﻮﺿﻊ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺮ !!..
ﺘﺤﻴّﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭ ﻇﻨﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻣﻠﻲﺀ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ .. فقرﺭﻭﺍ ﻓﺘﺤﻪ!!..
ﺃﺧﺬﺗﻬﻢ ﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺃﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺼّﻨﺪﻭﻕ ﻣﻤﺘﻠﺊ ﺑﻔﺘﺎﻭﻳﻬﻢ.. حتى يدافع بها عن نفسه يوم الحساب!!..
أخذ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮﺍﻟﺴﻌﻮﺩ ﻳﺒﻜﻲ و يقول:
"ﻟﻘﺪ ﺃﻧﻘﺬﺕَ ﻧﻔﺴﻚ ﻳﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ..ﻓﺄﻱ ﺳﻤﺎﺀٍ ﺗﻈﻠّﻨﺎ ؟! ..ﻭﺃﻱ ﺃﺭﺽٍ ﺗُﻘﻠّﻨﺎ ﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻣﺨﻄﺌﻴﻦ ﻓﻲ ﻓﺘﺎﻭﻳﻨﺎ؟"
هكذا كان العلماء !!
و هكذا كان الحكام !!
 
 
 



نشر