الحب في القرآن الكريم (2)

مشاهدات : 10558
الحب في القرآن الكريم (2)
المؤلف: د.حسان شمسي باشا
 
لماذا تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 
لأنه حبيب الله تعالى وخليله ، وأحب خلق الله إلى الله .
ولأن الله تعالى أدبه .. فأحسن تأديبه ..
ولأن الله تعالى علَمه ، فجَمل علمه بالخلق العظيم (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) النساء 113
ولأن الله تعالى اصطفاه على الناس برسالته الخالدة ، وبعثه للناس رحمة للعالمين .
ولأن مبعثه للناس نعمة ومنَة(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)آل عمران164.
ولأنه صاحب الحوض المورود ، والشفاعة العظمى ، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) التوبة 128 .
ولأن الله تعالى وملائكته يصلون على النبي (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) الأحزاب 56 .
ولأن اتباع الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم هو الطريق والسبيل إلى محبة الله تعالى لقول ربي جل في علاه : " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ " آل عمران 31.
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية : " إن هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله تعالى وليس هو على الطريقة المحمدية ، فإنه كاذب في نفس الأمر ، حتى يتبع الشرع المحمدي في جميع أقواله وأفعاله ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " . ولهذا قال الله تعالى : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " . أي تنالون فوق ما طلبتم من محبتكم إياه ، وهو محبته إياكم ، وهو أعظم من الأول كما قال بعض الحكماء : " ليس الشأن أن تحِب .. إنما الشأن ُتحب" .
ولا شك أن حب سنة النبي صلى الله عليه وسلم من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ورد في الأثر : " من أحب سنتي فقد أحبني ، ومن أحبني كان معي في الجنة
 
حب وميول غريزية :
 
تناول القرآن الكريم مسألة الميول الغريزية عند الإنسان فقد جاء في سورة آل عمران قوله تعالى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ( آل عمران14..
ومما يميل إليه الإنسان ويحبه حب النساء: ويمكن أن يكون مشروعاً كحب الرجل لزوجته أو محرماً كحب الرجل للمرأة الأجنبية عنه.
وحب البنين: وقد يكون مذموما إذا كان غريزة ُقصد بها المفاخرة ، أو محمودا إذا قصد تكوين أسرة مسلمة تنشأ في طاعة الله .
وحب المال من الذهب والفضة: وقد أشار القرآن الكريم إلى حب امتلاك المال الكثير، وسواء كان سعي المؤمن لإنفاقه في سبيل الله أو كان مقصده العبث به فكلاهما مما يشتهيه الإنسان ويحبه.
وحب الخيل المسومة: والقرآن ذكر الخيل لأنها مركوب تلك الأيام ولكن الأمر يتعداه إلى مراكب الناس في هذه الأيام .
 
 
مقامات الحب :
من عرف الله تعالى أحب الله ، وعلى قدر معرفته بالله ، يكون حبه لله . ولهذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس حبا لله ، لأنه كان أعرفهم بالله . يقول عليه الصلاة والسلام : " أنا أعلمكم بالله "رواه البخاري .
وهل المحبة إلا ثمرة المعرفة ؟ يقول الحسن البصري :
" من عرف ربه أحبه .. ومن عرف الدنيا زهد فيها .. وكيف ُيتصور أن يحب الإنسان نفسه ، ولا يحب ربه الذي به قوام نفسه " .
والله تعالى يحب .. ومن أحبه الله كان مع الله .. في معيته وتحت حفظه وعنايته جل في علاه . قال الله : " إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ " النحل 128
ومعية الله تعالى لمن يحب هي معية خاصة يخص بها أحباءه وأولياءه .. معية نصر وتكريم .. وعناية ورعاية .. فضلا عن المعية العامة التي هي معية العلم المحيط الشامل .. ففي الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني " .
والله تعالى يحب ومن أسمائه : " الودود " .. وقد ذكر لفظ : " الودود " في القرآن الكريم مرتين: في سورة هود حيث يقول تعالى : " وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ " هود 90، وفي سورة البروج حيث يقول سبحانه وتعالى : " وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ "البروج14 . والود : الحب ، ومعنى الودود : المحب للمؤمنين ( الذي يودَهم ويودونه ، ويحبهم ويحبونه ) .
فانظر في نفسك .. هل يحبك الناس أم هم لك كارهون .. ؟
هل يحبك من حولك .. ويفرح بلقائك ؟
تأكد من حب الناس لك حبا خالصا لله تعالى لا حبا من أجل مال أو متاع ، ولا مراءة أو مداهنة ..
يروى أن الله تعالى قال لداود عليه السلام : " يا داود أبلغ أهل أرضي أني حبيب لمن أحبني ، وجليس لمن جالسني .. ومؤنس لمن أنس بذكري .. ما أحبني عبد من قلبه إلا قبلته لنفسي وأحببته حباً لا يتقدمه أحد من خلقي " ..
فكن حبيبا لله تعالى .. تكن حبيباً لمن في الأرض والسماء .
 



نشر