سعيد أب هذا الولد

مشاهدات : 8788
في كل يوم جمعة، وبعد الصلاة، كان الإمام وابنه البالغ من العمر إحدى عشرة سنة يخرجان في إحدى ضواحي أمستردام .. يوزعان على الناس كتيبات صغيرة بعنوان "الطريق إلى الجنة".. وفي أحد الجمع كان الجو بارداً وماطراً جداً.. ارتدى الصبي الكثير من الملابس وقال: حسنا يا أبي، أنا مستعد! لقد حان الوقت لكي نخرج لتوزيع الكتيبات .. أجابه أبوه: ألا ترى الطقس شديد البرودة يا بنيّ.. قال الصبي: "ولكن يا أبي لا يزال هناك أناس يذهبون إلى النار" قرر الأب أن لا يخرج في هذا الطقس. فقال الصبي: هل يمكنني أن أذهب لتوزيع الكتيبات؟.. تردد والده للحظة ثم قال: يمكنك الذهاب، وأعطاه بعض الكتيبات... مشى الصبي في شوارع المدينة في ذلك الطقس البارد الممطر كي يوزع الكتيبات على من يقابله من الناس.. وظل يتردد من باب إلى باب يوزعها بحرارة و حماس.. وبعد ساعتين من المشي تحت المطر..بقي معه آخر كتيب.. فقرر أن يذهب إلى الرصيف المقابل ..إلى أول منزل يقابله..قرع جرس الباب، فلم يجب أحد.. ظل يقرع الجرس مراراً وتكراراً و كأن شيئاً ما يمنعه من ترك ذلك المنزل!..أخذ يطرق على الباب بقبضته بقوة فاذا بالباب يفتح ببطء.. كانت تقف عند الباب امرأة كبيرة في السن .. يبدو عليها علامات الحزن الشديد فقالت له: ماذا أستطيع أن أفعل لك يا بني..؟! قال لها الصبي الصغير وهو ينظر إليها بعينين متألقتين وعلى وجهه ابتسامة أضاءت لها العالم: 'سيدتي، أنا آسف إذا كنت أزعجتك، ولكن فقط أريد أن أقول لك أن الله يحبك حقاً.. و يعتني بك.. و جئتُ أعطيك آخر كتيب معي.. وهو سيخبرك كل شيء عن الله.. ولماذا نعيش.. و كيف نصل إلى الله!.. أعطاها الكتيب وأراد الانصراف..فقالت له: شكرا لك يا بني! وبعد أسبوع و عقب صلاة الجمعة.. وقفت سيدة عجوز تقول: 'لا أحد في هذا الجمع يعرفني، ولم آتِ إلى هنا من قبل.. وقبل جمعة واحدة فقط لم أكن مسلمة .. ولم أكن أفكر أن أكون كذلك.. لقد توفي زوجي منذ أشهر قليلة.. وتركني وحيدة تماماً في هذا العالم.. ويوم الجمعة الماضية .. قررت أن أنتحر لأنه لم يبق لدي أمل في الحياة.. أحضرتُ حبلاً وكرسياً وصعدت إلى الغرفة العلوية في بيتي.. قمتُ بتثبيت الحبل جيداً في السقف ووقفت فوق الكرسي ..و ثبّتُ طرف الحبل الآخر حول عنقي.. كنت على وشك أن أقفز..وفجأة سمعت صوت رنين جرس الباب.. فقلت: سوف أنتظر لحظات ولن أجيب .. وأياً كان من يطرق الباب فسوف يذهب بعد قليل.. انتظرت حتى ينصرف من في بالباب.. ولكن صوت الطرق ورنين الجرس يرتفع ويزداد!!.. قلت لنفسي : من يكون؟ .. رفعتُ الحبل من حول رقبتي .. وقررت أن أذهب لأرى من يطرق الباب وبكل هذا الإصرار.. فتحت الباب فرأيتُ صبياً صغيراً.. عيناه تتألقان .. وعلى وجهه ابتسامة لم أر مثلها من قبل.. كانت الكلمات التي خرجت من فمه تمس قلبي الميت فتوقظه و تحييه.. قال لي بصوت حانٍ: سيدتي!.. لقد أتيت الآن لكي أقول لك إن الله يحبك حقيقة ويعتني بك! ثم أعطاني هذا الكتيب الذي أحمله و عنوانه "الـطريق إلى الجنة".. أغلقت بابي وبتأن شديد قمت بقراءة الكتاب. ثم ذهبت إلى الطابق العلوي فأزلتُ الحبل والكرسي.. لأنني لن أحتاج إلى أي منهم بعد الآن.. فأنا الآن سعيدة جداً لأنني تعرفت إلى الإله الواحد الحقيقي.. كان عنوان هذا المركز الإسلامي مطبوعاً على ظهر الكتيب.. فجئت إلى هنا بنفسي لأقول الحمد لله وأشكركم على هذا الملاك الصغير الذي جاءني في الوقت المناسب تماماً.. وبذلك تم إنقاذ روحي من الخلود في الجحيم.. دمعت العيون في المسجد وتعالت صيحات التكبير...الله أكبر..الله أكبر... نزل الإمام الأب من المنبر وذهب إلى الصف الأمامي حيث كان يجلس ابنه .. احتضن ابنه بين ذراعيه وأجهش في البكاء...و قال :الحمد لك يا إلهي أن جعل هدايتها على يديك.. و أقول : ربما لم يكن بين ذلك الجمْع أبٌ سعيدٌ بابنه مثل ذلك الأب!..



نشر